قبل الحديث عن سوق الأسهم شاهد هذه التجربة الشخص الذي يرتدي الأبيض دخل في اختبار ضمن مجموعة دون أن يعلم أن المجموعة اتفقت في ما بينها لتعطي إجابة خاطئة. يعرض أمام المجموعة عددا من الخطوط ويطلب منهم تحديد أي خط من الخطوط في يمين الورقة يساوي طول الخط الذي في اليسار. في البداية كانت إجابة المجموعة صحيحة. لكن في المحاولة الثالثة بدأت المجموعة -وعن قصد- في إعطاء إجابات خاطئة. شاهد كيف قرر الشخص الذي في الاختبار وبنى قراره وفقا لإجابة المجموعة رغم أنها إجابة خاطئة أيضا شاهد هذه التجربة في المصعد حيث هناك مجموعة تتفق على دخول المصعد والنظر إلى الجهة الخلفية من المصعد، شاهد كيف سيتصرف الرجل الذي كان بالمصعد وفقا لتصرف المجموعة. ببساطة قد يميل الشخص للقيام بما تقوم به مجموعة أكبر من الناس حوله، كوسيلة للقبول وعلى افتراض أن هؤلاء مجموعة فلا بد من أنهم على حق وما يقررونه ويقومون به هو الشيء الصحيح، هذا ما يسمى بعقلية القطيع أو سلوك القطيع. في سوق الأسهم تظهر عقلية القطيع بوضوح في تحركات بيع وشراء الأسهم بشكل جماعي وهناك أسباب كثيرة تؤدي بالناس لاتباع ثقافة القطيع في سوق الأسهم، منها الخوف من اتخاذ القرار وقلة المعرفة فمثلا قد ينتج عن الخوف والتردد ضياع فرص استثمارية لا تعوض. فحين تم طرح “آبل” للاكتتاب عام 1980 وبسعر 22 دولارا للسهم، اعتقد الكثير من الناس أنه لا يوجد مستقبل لأجهزة الكمبيوتر الشخصية، ومن انخرط في هذا الاتجاه السائد وتصرف وفقا لعقلية القطيع فوت فرصة الاستثمار بالسهم مبكرا. لكن الزمن أثبت عكس ذلك، فمن استثمر مبلغ ألف فقط في بداية اكتتاب الشركة عام 1980 ستبلغ قيمة استثماراته في عام 2018 نحو 8.914 مليون دولار ، مع الأخذ في الحسبان تقسيم السهم الذي حدث لعدة مرات بسبب الارتفاع الكبير في سعر السهم وتوزيع أسهم المنحة خلال تلك الفترة. أيضا قد ينتج عن قلة المعرفة تسبب الانخراط في الاتجاهات السائدة واتخاذ قرارات شراء وفقا لثقافة القطيع، فمثلا في تسعينيات القرن الماضي ضخ الكثير من المستثمرين ملايين الدولارات في مختلف الشركات التي على الإنترنت على الرغم من أن بعض هذه الشركات لم يكن لديها منتج بعد. هذا الإقبال على الاستثمار تسبب لاحقا في ما يعرف بفقاعة الدوت كوم التي انفجرت في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، واختفى العديد من شركات التكنولوجيا بعد أن خسر المزيد من المستثمرين الملايين من الدولارات. لكن كيف تتجنب عقلية القطيع؟ ببساطة.. الانقياد الأعمى للاتجاهات السائدة في السوق يؤدي عادة إلى نتائج عكسية. أحمد ومحمد وحسين، الذين تقلدهم في اختياراتهم الاستثمارية أهدافهم مختلفة عن أهدافك الاستثمارية ووضعك المالي مختلف عن وضعهم، وقدرتك على تحمل المخاطر لا تماثل تلك الخاصة بهم، فضلا عن اختلاف عمرك. لا تشعر تحت تأثير “عقلية القطيع” بأنه يجب عليك الانضمام إليهم، وابحث عن خيار استثماري يناسبك. وفي حالة وجود توتر أو عدم يقين أو فقدان تركيز، عليك التوقف وتأجيل اتخاذ أي قرار حتى تهدأ وتحصل على المعلومات اللازمة، ولا يجب عليك الخوف، بل تحل بالجرأة وابتعد عن العاطفة.
source