in

بعد توقف مبادرة حبوب البحر الأسود.. من هم أبرز الخاسرين؟



تغيرات مناخية، وأوبئة، وارتفاع معدلات الفقر، وكأن العالم لم يكن ينقصه إلا أزمة نقص بإمدادات الغذاء؛ لترفع أسعاره وتزيد تعقيد المشهد العالمي
توقف مبادرة حبوب البحر الأسود، اعتبرها البعض خطوة نحو مجاعة لملايين البشر
فما هي هذه المبادرة ولماذا توقفت؟
روسيا وأوكرانيا مصدر الخبز والغذاء في العالم قبل الحرب كانت أوكرانيا خامس مصدر للقمح عالميا بنسبة أحد عشر في المئة من الصادرات العالمية، واستحوذت على اثني عشر في المئة من صادرات الذرة، وثلاثة وأربعين في المئة من صادرات زيت دوار الشمس
وروسيا هي الأولى عالميا في تصدير القمح
صادراتهما معا من القمح تمثل ثلاثة وعشرين في المئة من السوق العالمية، وتوردان ربع إنتاج الحبوب في العالم.
لكن عندما اجتاحت روسيا الأراضي الأوكرانية في فبراير ألفين واثنين وعشرين، أغلق الأسطول الروسي الموانئ على البحر الأسود، ومنع تصدير نحو عشرين مليون طن من القمح، وتوقفت تسعون في المئة من صادرات الحبوب الأوكرانية، ما هدد بنقص الإمدادات الغذائية العالمية
ولضمان وصول الغذاء للعالم بعد الحرب، توسطت تركيا والأمم المتحدة بين روسيا وأوكرانيا وتم التوصل لاتفاق “مبادرة حبوب البحر الأسود” في يوليو ألفين واثنين وعشرين،
وتضمن الاتفاق إنشاء ممر آمن لمرور السفن الأوكرانية عبر ثلاثة موانئ أوكرانية (أوديسا وتشورنومورسك ويوجني/بيفديني) لمدة مئة وعشرين يوما
بشرط أن تتمكن روسيا من تصدير الحبوب والأسمدة الروسية إلى الأسواق الدولية،
تم تمديد الاتفاق ثلاث مرات أولها في نوفمبر ألفين واثنين عشرين لمدة مئة وعشرين يوما،
ثم في مارس ألفين وثلاثة وعشرين لمدة ستين يوما، وفي مايو ألفين وثلاثة وعشرين لمدة ستين يوما إضافيا
إلا أن روسيا انسحبت من المبادرة بتاريخ سبعة عشر يوليو ألفين وثلاثة وعشرين،
فلماذا؟
روسيا حاولت استغلال وصول الغذاء كسلاح في مواجهة العقوبات الغربية وطالبت بإعادة فتح خط الأنابيب الخاص بنقل الأمونيا من روسيا إلى ميناء «بيفديني» الأوكراني، الذي كانت روسيا تصدر من خلاله نحو مليونين ونصف مليون طن من الأمونيا سنويا قبل الحرب
فضلا عن إعادة ربط البنك الزراعي الروسي بنظام سويفت للمدفوعات المالية الدولية،
واستئناف توريد الآلات الزراعية، وإلغاء تجميد الأصول وحسابات الشركات الروسية العاملة في مجال تصدير المواد الغذائية والأسمدة، باعتبارها قيودا تعيق صادراتها الزراعية البالغة واحد وأربعين مليارا ونصف مليار دولار عام ألفين واثنين عشرين.
لكن تجاهل الغرب لهذه المطالب، أدى لانسحاب روسيا من مبادرة حبوب البحر الأسود وحرمان العالم من ثلاثة وثلاثين مليون طن من الحبوب والمواد الغذائية
أوكرانيا ليست الخاسر الوحيد
توقف المبادرة، يتسبب في خسارة أوكرانيا لنحو نصف مليار دولار شهريا، لكن ستتضرر أيضا خمسة وأربعون دولة حول العالم مستوردة للمواد الغذائية الأوكرانية، ست وأربعون في المئة منها في آسيا، وأربعون في المئة في أوروبا الغربية، واثنا عشر في المئة في إفريقيا، وواحد في المئة في شرق أوروبا.
وتعد الصين الأكثر تضررا بعدما كانت أكبر المستفيدين من المبادرة عبر استيراد شحنات غذائية بنحو ثمانية ملايين طن
وستكون دول مثل أفغانستان وجيبوتي وإثيوبيا وكينيا والصومال والسودان واليمن
في أشد الحاجة للغذاء بعد أن مكنت المبادرة برنامج الأغذية العالمي من نقل حوالي سبعمئة وخمسة وعشرين ألف طن من القمح لمساعدة هذه الدول
ومع وقف المبادرة، ستصبح مصر من أكبر المتضررين، بعدما ساعدتها المبادرة في الحصول على نحو مليون ونصف مليون طن من الحبوب الأوكرانية
إذ تعد مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، وثلاثون في المئة من وارداتها من القمح تأتي من أوكرانيا، بينما تأتي ستون في المئة منها من روسيا
وأيضا قد ترتفع أسعار القمح الذي يدخل في صناعة رغيف الخبز وأعلاف الحيوانات في دول على رأسها الجزائر والمغرب،
فالجزائر السادسة عالميا باستيراد القمح، وفي عام ألفين وعشرين استوردت أكثر من سبعة ملايين طن بنحو ملياري دولار، وبرغم أن فرنسا المورد الرئيسي لها
فإن وارداتها من القمح الروسي ارتفعت لنحو خمسة وعشرين في المئة
كما أن المغرب بالمرتبة الحادية عشرة عالميا باستيراد القمح في عام ألفين وعشرين، مع استيرادها أكثر من خمسة ملايين طن بنحو مليار ونصف مليار دولار، وتعد أوكرانيا المورد الرئيسي لها
وقف المبادرة قد يسبب عودة التضخم مجددا، ومعاناة المستهلكين حول العالم من ارتفاعات جديدة في أسعار الغذاء خاصة في الدول المنخفضة الدخل
فمن المتوقع أن يرتفع مؤشر الغذاء العالمي نتيجة توقف الإمدادات الغذائية، بعد أن انخفض خلال عام المبادرة بنسبة ثلاثة وعشرين في المئة من ذروته في مارس ألفين واثنين وعشرين البالغة مئة وتسعة وخمسين، وسبعين من مئة نقطة إلى مستوى مئة واثنين وعشرين نقطة، وأربعة من عشرة في يونيو ألفين وثلاثة وعشرين

فخلال الأسبوع الأول من وقف المبادرة قفزت أسعار العقود الآجلة للقمح تسليم سبتمبر في بورصة شيكاغو من ستة دولارات وثلاثة وخمسين سنت إلى سبعة دولارات وسبعة وخمسين سنت للبوشل مسجلة أعلى مستوياتها في خمسة أشهر
وقد تتحول الأزمة في العالم من ارتفاع أسعار الغذاء إلى أزمة نقص في الغذاء خاصة بعد إعلان روسيا بأن كافة السفن في البحر الأسود المتجهة للموانئ الأوكرانية، تعتبر ناقلات شحنات عسكرية محتملة
واستهدافها للموانئ الأوكرانية الذي دمر نحو ستين ألف طن من الحبوب كانت تكفي لإطعام مئتين وسبعين ألف شخص لمدة عام، ورغم سعي أوكرانيا لفتح طرق بديلة، مثل الموانئ الصغيرة على نهر دانوب أو خطوط السكك الحديدية فستكون هذه البدائل بإمكانها تصدير مواد غذائية أقل ست مرات من الموانئ الرئيسية الأوكرانية على البحر الأسود

source

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Loading…

0